يُغطِّي سفرا صموئيل الأوَّل والثَّانِي وسفرا الملوك الأوَّل والثَّانِي الحقبةَ التارخيَّةَ نفسَها التي يُغَطِّيها سِفرا أخبارِ الأيَّامِ الأوَّل والثَّانِي، والتي تمتدُّ من 1000 ق.م. إلى 500 ق.م. التقسيم السابق للعهدِ القديم وضعَ سفري أخبار الأيام مع عزرا ونحميا؛ فاللغةُ العبرية المُستخدمة في أخبارِ الأيام مُتشابهةٌ لدرجةٍ كبيرة مع لُغة عزرا ونحميا، لدرجةٍ جعلت المُفسِّرين يقولون بكون عزرا هو كاتب أسفارِ أخبارِ الأيَّامِ ونحميا، إلى جانِبِ السِّفرِ الذي يحمِلُ إسمَهُ. وفي مرحلةٍ مُتقدِّمة من التاريخ تمَّ تصنيفُ أخبارِ الأيام مع صموئيل وملوك، كونها تتعامل مع ذاتِ الحقبة.
أسبابُ التَّكرار
لماذا يُعيدُ اللهُ سردَ هذه الحقبة التاريخيَّة ثانيةً؟ هُناكَ بضعةُ أجوبة على هذا السؤال. الجوابُ الأولُ هو أن التكرارَ هو جوهر التعليم. فإن لم تُكرِّر، لا تكونُ مُعلِّماً، كما يَقُولُ إختِصاصِيُّو التَّعليم. وثانِياً، في كلمةِ الله، التكرارُ هو ليسَ فقَط لتعليمِ المقاصِد، بَل أيضاً للتَّشديد. فهل سبقَ ولاحظتَ الأُمور التي يُكرِّرُها الكتاب المقدس؟ فسردُ حَدَثِ الخلق يتكرَّرُ مرَّتين في سفرِ التكوين. وناموسُ موسى يتكرَّرُ في سفر التثنية. وسيرةُ حياة يسوع المسيح تتكرَّرُ أربعَ مرَّاتٍ في العهدِ الجديد، وهذه الحقبةُ من التاريخ العِبري في أسفارِ أدبِ المملكة التاريخية تتكرَّرُ ثانيةً في سِفرَي أخبارِ الأيَّام الأوَّل والثَّانِي.
فإن كان التكرارُ يهدفُ للتشديد في كلمةِ الله، فعلامَ يتمُّ التشديدُ عندما تُكرِّرُ أسفارُ أخبارِ الأيام سردَ هذه الحقبة التاريخية ذاتها؟ الجوابُ الواضِحُ على هذا السُّؤال هُوَ: ملكوت الله. قالَ يسوعُ أن هذا الملكوت ينبغي أن يَكُونَ الأولويةَ في حياتِنا، وغايَةَ تضَرُّعاتِنا. فملكوت الله هو القَصدُ منَ الولادة الجديدة، والولادَةُ الجَديدَةُ هي وسيلتُه، بحسبِ تعليم يسوع. (متَّى 6: 33؛ يُوحَنَّا 3: 3، 5) وبما أن ثمارَ ملكوت الله هي القضية التي على المِحَك، فهذا يجعلُ من ملكوت الله في غايةِ الأهمية. فاللهُ يُريدُنا أن نستَوعِبَ مفهُومَ كَونِه هُوَ المَلِك، وكونَهُ يُريدُنا أن نكُونَ رعايا في ملَكُوتِهِ. لهذا يُكَرِّرُ اللهُ مَرَّتَين ذِكرَ هذا الحقبَة منَ التَّاريخ.
السببُ الثالث الذي من أجلِهِ سمحَ اللهُ بتكرار سرد تاريخ هذه الحقبة، هو أهمية رفض الشعب أن يكون اللهُ ملكاً عليهم. من المهم أن نفهم أننا لا نزالُ اليومَ نعيشُ العواقبَ الوخيمة لهذا الرفض. ويُريدُنا اللهُ أن نفهمَ هذا الرَّفضَ، لأنَّهُ يُصَوِّرُ الحقيقةَ الصَّعبة التي تَقُولُ أنَّهُ بإمكانِنا نحنُ أيضاً اليوم أن نرفُضَ اللهَ كَمَلِكٍ عَلَينا.
0 Comments:
إرسال تعليق